
الفرق بين الشهادات الإحترافية والأكاديمية في سوق العمل
يتم تخريج آلاف الطلاب سنوياً من المدارس والمعاهد والجامعات بشهادات أكاديمية نتيجة اجتيازهم لمراحل التعليم النظامي والرسمي، وكلهم أو أغلبهم يبدأ البحث عن فرصة عمل ويتم إدراج أسمائهم في قائمة الباحثين عن عمل في الوزارات والهيئات المعنية ، ولكن هل تعتبر الشهادة الأكاديمية كافية للحصول على فرصة عمل في ظل قلة الفرص الوظيفية والمنافسة الكبيرة بين الخريجين سنوياً ؟ وهل أصحاب العمل يرون أن هؤلاء الخريجين هم المناسبين لسد متطلبات الوظائف المتاحة واستيفاء الوصف الوظيفي لها وتلبية الكفاءات والمهارات المطلوبة والخبرة الإبتدائية لبدء العمل ؟ ومن وجهة نظر صاحب العمل هل هؤلاء الخريجين هم الأفضل للإعتماد عليهم في نمو وتوسعة أعماله؟
هذا التحدي يواجه الطرفين إلا أن الفرد الذي يسعي للتميز في مجاله أصبح بإمكانه الحصول على شهادة مهنية (احترافية) تساعده على تمييز نفسه من ضمن كل الدارسين لنفس التخصص بشكل أكاديمي فقط. وتعود أهمية الشهادات المهنية إلى أنها إحدى المميزات التي يبحث عنها صاحب العمل؛ للتأكد من جمع الباحث عن عمل بين المعرفة الأكاديمية وإتقان المهارة العملية التطبيقية .
الفرق بين الشهادات الأكاديمية والشهادات المهنية (الاحترافية)
الشهادات الأكاديمية : هي شهادة يتم الحصول عليها من جهة تعليمية معتمدة من جهات رسمية نتيجة اجتياز مراحل تعليمية تراكمية في تخصص ما، وفي إطار زمني محدد لدراسة منهج دراسي محدد. وكما تعلمون فإن عملية التعليم تركز بالدرجة الأولى على نقل المعرفة والمفاهيم النظرية للطالب ،ويتم بعدها تقييم الطالب عند انتهاء كل مرحلة على مدى إدراكه للمحتوى الأكاديمي. ويحصل في النهاية على شهادة لا تتطلب خبرة مهنية عميقة للحصول عليها، ويتم ذكرها في السيرة الذاتية على أنها جزء من المؤهل العلمي.
ما يميز الشهادة الإحترافية هو أنها تركز على المعلومة والمهارة والسلوك وهذا هو المثلث الأهم في البرامج الإحترافية ولذلك فإن المؤهلات الإحترافية هي دراسة دقيقة متخصصة في مجال معين. يحصل الدارس عليها نتيجة عملية تقييم لمدى الإتقان والكفاءة والسلوك في إدراك المحتوى الذي تم تصميمه بناء على احتياجات سوق العمل المتخصصة في مجال الاعتماد. لذلك، هي تشترط جانباً نظرياً مع التركيز على الممارسة والخبرة العملية، والتركيز أيضا على بعد السلوك والأخلاقيات المهنية .
وللعلم فإن العديد من الشهادات الإحترافية تعقد اختباراتها في مراكز الختبارات منفصلة ومعدة خصيصا بمعايير عالية لعقد الإختبارات الدولية وعادة ما تكون اختبارات كمبيوترية.
وعند اجتياز الإختبار والحصول على الشهادة يفضل أن تدرج وتذكر في بداية السيرة الذاتية بعد المعلومات الشخصية في بند المؤهلات والاعتمادات وذلك لجذب الانتباه لمدير الموارد البشرية وصاحب العمل أو لمن يتصفح السيرة الذاتية . ويتم تجديد الإعتماد وتحديثه أو إضافة نقاط تسمى PDU بشكل دوري وخصوصا بعد السنوات الأولى من الحصول على المؤهل الإحترافي ليكون الشخص دائم التحديث بالمستجدات في ذات التخصص.
كيفية الحصول عن معلومات عن الشهادات الإحترافية:
تتوفر المعلومات الخاصة بكل شهادة من خلال المواقع الإلكترونية للجهات المانحة أو من خلال المراكز المعتمدة لتمثيل هذه الجهات المانحة في بلدك .و للحصول على اعتماد معين أو شهادة معينة على المتدرب الإلتحاق بمركز تدريب معتمد ومرخص لتسجيلك في هذه الشهادة ثم دراسة كل وحدات الشهادة ومقرراتها ثم التقدم للإمتحان الدولي وبعد اجتياز الإختبار تصلك الشهادة والتي هي جوازك لوظيفة مرموقة.
أمثلة على بعض الشهادات الإحترافية:
- شهادات نيبوش في الصحة والسلامة المهنية
- شهادة ACCA في المحاسبة القانونية والتدقيق
- شهادة المدير المالي المعتمد CMA
- شهادة في ادارة المشتريات وادارة المخازن CIPS
- شهادة في البرمجيات الهندسية AutoDesk
- شهادة في التصميم الكرافيكي – المونتاج وتصميم المواقع من Adobe
- شهادة في ادارة نظام الجودة ISO
- شهادة في إدارة الشبكات ونظام الحماية والتشفير من مايكروسوفت – أوريكال – سيسكو
كما تعتبر اختيار الشهادة المهنية (الاحترافية) المناسبة وسيلة هامة في بناء المسار المهني لعدة أسباب، ومنها:
- تصقل مهارات الشخص على استخدام المهارات العليا للتفكير ومهارات التفكير الناقد
- تزيد من فرص الحصول على وظيفة أو ترقية للباحث عن عمل أو الموظف وتجعله متميز بين المنافسين له في مجال العمل،
- تزود الشهادات المهنية الشخص بالثقة عند أصحاب الأعمال؛ لأن بمجرد حصول الشخص على شهادة متخصصة أو اعتماد يؤكد أنه مرّ بمراحل تقييم واختبار لمعرفة تطبيقية، فتعتبر دليل على كفاءة الشخص
- تساعد الشهادات المهنية الشخص على الاطلاع والتحسين المستمر ومعرفة ما هو جديد في مجال عمله وجلب هذه المعارف لتطوير أدائه
- تساعد الشهادات المهنية على الحصول على دخل مادي أفضل، فعادة يرتفع راتب الشخص بنسبة جيدة مستقبلا في حالة حصوله على شهادة مهنية معتمدة ومحترمة في سوق العمل
- تعد الشهادات المهنية عملية تقييم احترافية لقدرات وخبرات الموظف؛ مما يساعده على التعرف على نقاط قوته ومناطق ضعفه؛ وتعديل خطته المهنية بناء عليها
أهمية و قيمة الشهادات المهنية – الإحترافية:
في عالم يستمر فيه التنافس على الوظائف وزيادة الأجور، أصبحت المهارات هي العملة العالمية لاقتصاديات الدول ولذلك تأتي أهمية الشهادات المهنية و المعتمدة عالمياً ودولياً لأنها تعتبر تقييم موثوق به من جهات عالمية ودولية لمهارة الفرد ومعرفته بمجال معين ومحدد . وحيث يحتاج سوق العمل قوة عاملة ماهرة، قابلة للتكيّف، والإبداعية، فإن هذه الشهادات صممت وطورت بمناهج تعتمد على بناء الكفايات والمهارات الحديثة في كل تخصص وهذه الشهادات يجب أن يستفيد منها الشباب والخريجين المقبلين على سوق العمل والموظفين في الجهات الحكومية والشركات الخاصة وهذه الشهادات تعتبر مؤشر التنافسية بين الموظفين وخصوصا في كسب الوظيفة أو في عامل الترقيات والتميز الوظيفي وذلك كله يصب في الإنتاجية النهائية لجهات العمل.
وقد وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في يونيو 2020م ، أمرا تنفيذيا بتوجيه تعليمات لفروع الحكومة الفدرالية، بالتركيز على المهارات بدل الشهادات الجامعية في اختيار الموظفين الفدراليين.
وأوصت عضوة المجلس الاستشاري لسياسة القوى العاملة الأمريكية إيفانكا ترامب، بتحديث التوظيف الفيدرالي، للعثور على مرشحين يتمتعون بالكفاءات والمعرفة ذات الصلة، بدلا من مجرد التوظيف بناء على الشهادة، وأضافت إيفانكا ”نحن نشجع أصحاب العمل في كل مكان لمراجعة ممارسات التوظيف لديهم، والتفكير النقدي في كيفية دعم المبادرات الخاصة بتنويع وتعزيز القوى العاملة لديهم”.
وفي الختام أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا تقليل لشأن الشهادات الأكاديمية ، فهي متطلب مهم لوعي الشعوب وقياس مراحل تعلمهم الأكاديمي وهو أيضا مهم جدا للعمل ببعض القطاعات وخصوصا القطاعات التعليمية ، ولكن الشهادات المهنية (الاحترافية) تعطي الأشخاص ثقة وأولوية للترشح للوظائف المعروضة في سوق العمل أو فرصة لتغيير وظيفته دون القلق كثيرا من بعض جوانب سيرته الذاتية؛ لأنه بمجرد الحصول على شهادة مهنية يقل الاعتماد على الشهادة الأكاديمية وحدها حتى لو كانت في مجال مختلف.
وقد خطت مملكة البحرين خطوات جريئة في هذا الجانب بتعزيز أهمية الشهادات الإحترافية ودعمها من المجالس النوعية بوزارة العمل ومن خلال صندوق العمل (تمكين) ، وهي آخذة في التقدم من خلال بناء دائرة جديدة تسمى بمهارات البحرين Bahrain Skills ، وهي ستعتمد بشكل أساسي وبالتنسيق مع الموارد البشرية العاملين بالقطاع الخاص على سد الفجوة في المهارات التطبيقية المطلوبة للتوظيف وسوق العمل .
وقد أخذت إدارة الإطار الوطني للمؤهلات التابع لهيئة جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين على سنّ أنظمة وسياسات تشجع تسكين المؤهلات المهنية المنطلقة من الإحتياج الفعلي لسوق العمل وإسناد المؤهلات الأجنبية .
أخيراً تعتبر المؤهلات الإحترافية خيار موفق لمن يرغب في مستقبل وظيفي لائق ، ومكانة وظيفية آمنة .
ننصحكم بالاطلاع على برامج معهد المعلم لمعرفة الشهادات المهنية ومستجدات البرامج الإحترافية التي نوفرها .